العقيدة الإسلامية
يتساءل الكثير من المسلمين عن أسباب ضعفنا، بالمقارنة مع جيل الصحابة والمسلمين الأوائل.. كيف كانوا.. وكيف نحن الآن؟
فبمراجعة تاريخ الإسلام.. ومراقبة انتشاره واتباع منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله.. نجد أن 13 عاماً من الدعوة تتحدث عن وحدانية الله وقدرة الله.. 13 عاماً لغرس التوحيد وبناء عقيدة المسلمين فكانت العقيدة الصافية الخالية من الشرك.
ونجد أن أصل دعوة كل الأنبياء والرسل هي قائمة على عبادة الله تعالى وحده لا شريك له فكل رسول أرسله الله، إنما كان أول ما يدعو قومه إليه أن يعبدوا الله ويجتنبوا الطاغوت.. فعلى هذا وقع الخلاف بينه وبين قومه.. فقد كانوا يعبدون مع الله آلهة أخرى.. فقالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عجاب..
فكان أول ما بدأ بدعوة قومه إليه هو التوحيد..
فإذا أرسل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى قومٍ رسولاً ليدعوهم إلى الإسلام، يوصيه أن تكون دعوة رسول رسول الله.. أن يعبدوا الله وحده.
ففي صحيح البخاري.. أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما بعث معاذاً إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام.. أوصاه: ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.. فإن أطاعوك فادعوهم إلى الصلاة.
وكان من أحد أسباب ضعف المسلمين في هذا الزمان هو تركهم للأصول وتمسكهم بالفروع.. فيرفعون البناء.. ولكن على أساس هشٍ.
ومن كتاب العقيدة الإسلامية.. للسيد سابق يطرح سؤالاً: لماذا العقيدة الإسلامية عامة ومشتركة وخالدة لجميع الناس؟
وإليكم الإجابة:
إنما جعل الله هذه العقيدة عامة للبشر خالدة على الدهر لما لها من الأثر البين والنفع الظاهر في حياة الأفراد والجماعات
فالمعرفة بالله من شأنها أن تفجّر المشاعر النبيلة وتوقظ حواس الخير وتربي مَلَكة المراقبة وتبعث على طلب معالي الأمور وإشراقها، وتنأى بالمرء عن محقرات الأعمال وسفاسفها.
ومعرفة الملائكة تدعو إلى التشبه بهم والتعاون معهم على الحق والخير كما تدعو إلى الوعي الكامل واليقظة التامة فلا يصدر من الإنسان إلا ما هو حسن، ولا يتصرف إلا لغاية كريمة.
والمعرفة بالكتب الإلهية إنما هي عرفان بالمنهج الرشيد الذي رسمه الله للإنسان كي يصل بالسير عليه إلى كمالهِ المادي والأدبي.
والمعرفة بالرسل إنما يقصد بها ترسّم خطاهم والتخلق بأخلاقهم والتأسي بهم باعتبار أنهم يمثلون القيم الصالحة والحياة النظيفة التي أرادها الله للناس.
ومعرفة اليوم الآخر.. هي أقوى باعث على فعل الخير وترك الشر.
والمعرفة بالقدر تُزوّد المرء بقوى وطاقات تتحدى كل العقاب والصعاب وتصغر دونها الأحداث الجسام.
وهكذا يبدو بجلاء أن العقيدة تهذّب السلوك وتزكّي النفوس وتوجهها نحو المثل الأعلى فضلاً على أنها حقائق ثابتة، وهي تعد من أعلى معارف الإنسان، إن لم تكن أعلاها على الإطلاق.
وتهذيب سلوك الأفراد عن طريق غرس العقيدة الدينية هو أسلوب من أعظم أساليب التربية.
حيث أن للدين سلطان على القلوب والنفوس. وتأثير على المشاعر والأحاسيس لا يكاد يدانيه في سلطانه وتأثيره شيء آخر من الوسائل التي يبتكرها العلماء والحكماء والفلاسفة.
فغرس العقيدة في النفوس هو أمثل طريق لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملا في الحياة وتساهم بنصيب كبير في تزويدها بما هو أنفع وأرشد.